مقولة: الأستاذ/ رمضان عبد الحفيظ

بسم الله الرحمن الرحيم

قال -تعالى -: " يَرفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَاتٍ "

  }سورة المجادلة: 11{

فضيلة الشيخ/ توفـــيق ســـرور

العالم العلامة ، البحر الفهامة ، الوارث من ميراث النبوة النصيب الأوفى والقــــدر الأسنى والأوفر، الذي قلما يجود الزمان بمثله أرجو ألا يلومني أحـــــد في عشـــقه وهواه، فوالله لم أحب بعد الله سبحانه والرسل العظام ،والصحب الكرام ، وصالحي التابعين أحداً سواه.

                     فضيلة الشيخ في سطور كما عرفته

عالم رباني قَلَّ في زمننا من يفري فريَه أو يصنع صــنيعه ، تقي ورع ، بكــاء مــن خشية الله ، ساطع في حججه وبراهينه ، واضــــح في إشاراته وتعــابيره ، منـــفق ، متصدق ، عالي الهمة ، ثاقب الفكر ، مرهف الــــحس ، متواضع ، مهيب جـــانبه ، غزير العلم ، عزيز النفس ، لا يتوقف عن بذل المعروف ، مخلص في نصــحه ، له فراسته في الرجال فهو ينظر بنور الله ، إذا خالطته أحببته ، وإن دنوت منه عشقــته ، لم تزل أبداً مهابته رغم طول العشرة والصحبة ، دمث الخلق ، غيور على أزهـره ، هادئ الطباع إلا إذا أساء أحد إلى الأزهر الشريف يتحول الشيخ إلى أسد جـــسور يحمي  الحمى يزود وينافح ويدافع لا يقبل أبداً أن يمس أحد الأزهر الشريف بســـوء ، كان حنفي المذهب ، سني الوجهة ، يعرف للعلماء أقدارهم، حلو الحديث، عــذب الكلمات حيث كان أسطونا من أساطين البلاغة والفصاحة ، إن تكــلم أســــمع ، وإن خطب أفاد وأنفع ، آمن بأن الدين يجمع ولا يفرق ، يوحد ولا يشتت لذا التف حـــوله كل الناس على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم كان له من اسمه أوفر نصيب ، التوفيق قرينه في جميع أقواله وأفعاله وحركاته وســــكناته ، مستمع جيد لكل من يتـــحدث ، يثني عليه ، إن حضر حفلاً قد دُعِى إليه بعض الدعاة يخــتار الشيخ أن يكون آخـــر المتحدثين ، فيأتي بما لم يأت به الأوائل ، بل إن شئت فقل كان يأتي بالقول الفصل ، كان غنياً ثرياً يحب أن يرى الله أثر نعمته عليه فكان يلبس أغلى الثيـاب ، ويلـــــبس أبناءه كذلك ، يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة ، كانت أسعد أيامه التي قضاها في الجزائر الشقيقة ، كان شعب الجــــزائر يخرج إليه كلهم جميعاً عن بكرة أبيــــهم ينظرون إليه في إجلال و إكرام فهو المفكر العلامة وإن شئت دليلاً على محبتهم إياه يكفيك أن تعرف أن أكثر من إحدى عشرة أسرة قد سموا أبناءهم باسمه تيمناً بـــــه ، وكثيراً ما ذكر لي الشيخ أسرة (النعيمي) كرمز للأسرة الدينة التقية ، وكــــــان الوالد (النعيمي) أنموذجاً للغني الشاكر التقي الورع  وكذلك كان أبناؤه الأفاضـــل الأكـارم أذكر منهم (الزبير) ، بل ذكر لي شيخي أن إحدى طالبات المعــــــــــاهد الدينية التي كـــــان يدرس بها هناك اشـــــــترطت على زوجها في ليلة زفافها أن تـــذهب إلـــى مســـــكن الشيخ ليهنأها وتلتمس منه الدعاء.

يكفيك أن تعلم أن الشيخ صاحب ورافق فضيلة الشيخ/ الشعراوي هناك في الجــزائر فأنعم بها صحبة ! وكفى بها رفقة.

يكفيك أن تعلم أنه بعد انتهاء فترة إعارته فأصبح ليس من حقه أن يستمر هناك إذ به تجدد له الإعارة بإذن رئاسي آنئذ ليستأنف الشيخ عمله .

ثم سافر شيخي وتاج رأسي إلى المملكة العربية السـعودية الشقيقة ليكون محـــاضراً في إحدى جامعاتها ، ويكلف كذلك إضافةً إلى عمله ذاك أن يكون أميناً للمكتبة فأعاد ترتيبها وتنظيمها لتكون مضرب المثل في صنيعه وإتقانه.

كان شيخي إنساناً اجتماعياً من طــــرازٍ فريد تدخل مودته جميع قلوب الحــــاضرين لدروسه فهو يألف ويؤلف ، كان موســوعة في العلوم الشرعية وبخاصـــة الفـــــقــه والتفسير ، فكان له درسان في مسجد المدينة المنورة بالبيطاش أحدهما للفقه وآخـــر للتفسير ، كما كان له درس في التفسير بمسجد رمضان شحاتة بالمنشية يوم الثـلاثاء ، بالإضافة إلى عمله كمأذون شرعي ، أضف إلى ذلك خطب الجـــمع وما أدراك ما خطب الجمع ؟!!

ومما يؤكد لك إخلاصه وتفانيه في عمله كخطـــيب للجمعة أن فضيلة الشــــيخ أصر رغم شدة مرضه في الأيام الأخيرة أن يرتقي المنبر ليتواصل العــطـــاء حتى أغمي عليه أكثر من مرة وخشي الناس عليه .

ولم يكن الشيخ – أسأل الله له الرحمة والدرجات العلا من الجنة – يكتفي بالخــــطبة التي قد تصل إلى ساعة بل يواصل عطاءه بعد أن يفرغ من الصلاة ليتلـــــقى أسـئلة واستفسارات الجمهور ويقوم بالإجابة عنها.

ولك أن تعلم بأنه كان يذهب لإلقاء الخطبة مبكراً قبل الموعد بنحو ساعتين ليجــالس في مكتبه الصفوة من المحبين الصادقين أذكر منهم الأخ / مدحت عثمان الذي نــــال من قلب الشيخ ومن قلوبنا جميعاً القدر الكبير فله الفضل بعد الله في إتمام هذا العمـل الرائع مع أخيه وأخينا نجل الشيخ سعادة المستشار هشام - أجزل الله لهما المثـــــوبة والأجر - ،والأخ / أحمد خميس نعم الابن البار للشيخ ، والحاج / عبد المنعم المحب الصادق الكريم ، والأخ الــــمتيم بحب الشيخ / إبراهيم الانجباوي ، وكذلك الدكــتور المهذب / عبد السلام   من محبي الشيخ حفظهم الله جميعاً.

وإن أردت المزيد عن الشيخ فلك أن تتمتع غاية المتعة في صلاة التراويح والشيــــخ يعلق ويفسر بعض الآيات فلا تملك إلا أن تسكب العبرات وتتأجج المشاعر فقد كـان يخاطب العقل والشعور معاً، وذلك أثناء الترويحة بعد الركعات الأربع الأولى .

  هذا شــيخــي فلــيرني امرؤٌ شــيخـــه  عقمت النساء أن يــــلدن مـــثله

والله ما ذكرته ما هو إلا غيض من فيـض ، فما أوردت إلا النزر اليــسير ، ولولا خشيـــــة الملل والسآمة لأطلت الحديث وعذري أنني محبٌ وَلِه،استحوذ حبه على كل كياني .

كان الشيخ - أخلد الله في العالمين ذكره – يعي نفـــائس علم الأصول ، ودقائق عــلم الأحكام ، ولطائف الأخلاق ، وأسرار قصص الأولين ، مُلمٌ بالسيــــرة النــــبوية من جميع أقطارها ورغم شاعريته المـــكتنه في نفسه لم يــرخ لها العــــنان لتستبد به أو تستحوذ عليه.

كان من زملائه في فترة الدراسة فضيلة الشيخ العظيم / محمود  العـكازي ( زمـــيل تختة).

من الآيات التي كثيراً ما ترد على لسانه ويستشهد بها في خطبه ودروسه:

1- " قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكفَرَهُ "                     { سورة عبس : 17}

2- " فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُم "               { سورة الصف : 5}

3- " أًلَا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُو اللَّطِيفُ الخَبِيرُ "    { سورة الملك : 15}

أحب الشيخ البخاري حباً جماً استولى على كيانه ، كما أحب ابن القيم وابن تيمية كثيراً وأُعجب كثيراً بحكم ابن عطاء الله السكندري.

ومن العلماء المحدثين أحب الشيخ فضيلة الشيخ / الشعراوي ،والإمام الأكبر / جاد الحق ،والإمام الأكبر / عبد الحليم محمود وفضيلة الأستاذ الدكتور / محمد عبد الله دراز ، وفضيلة الشيخ / المسير ، وفضيلة الشيخ / محمد الغزالي ، .

من أقوال الشيخ عن فوائد دراسة المعجزات:

دراسة المعجزات من أهم فوائدها أنها تعلمنا القضايا ببرهانها والدعاوى بأدلتــــها ، ومعلوم أن الدليل يجب أن يكون مناسباً للدعوى التي يدعيها المدعي، ألا وإن أخطر الدعاوى شأناً وأعظمها أثراً دعوى النبوة والرسالة ؛ لأنها واجبة الطاعة والاتبـاع ، ولما كانت النبوة منحة إلهية لابد أن يكون دليلها أمراً إلهياً هذا الأمر هو المعــــجزة التي لا يملكها إلا الله -عز وجل- ولذلك كان لكل نبيٍ معجزة آتاه الله إياها وكـــــانت معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحياً أوحاه الله إليه ألا وإنه القـــرآن الكـريم ، معجزة عقلية دائمة بدوام الدعوة شاملة بشمولها ؛ لأنها الـــدعوة الخاتمة ، وهنــــاك ملحظ دقيق ، كل معجزات الأنبياء -عليهم السلام - غير رسالتهم إلا محمداً – صلى الله عليه وسلم – فمعجزته هي عين رسالته .

                                    حديث شريف 

عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول :" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رءوساً جهالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلوا وأضلوا "                           {متفق عليه}.

 الأرض تحيا إذا ما عاش عالمــــها = متى يمت عالم منها يمت طَرَفُ     

     كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها = وإن أبى عاد في أكنافها التـــلفُ

 

مواطن القدوة لدى الشيخ:

1- الحرص على طاعة الله والزهد فيما في أيدي الناس.

2- الإخلاص والتفاني في العمل.

3- إعمال العقل دون تعطيل النص.

4- يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

5- بشاشة الوجه وحسن المعاشرة ، والصدق في القول والعمل.

6- الإيمان بعظمة هذا الدين وشموليته وأن المستقبل له.

7- المحافظة على إقامة علاقات اجتماعية متميزة.

8- التجمل في المظهر والمخبر.

9- عدم التحزب " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفشَلُوا وَتَذهَبَ رِيحُكُم " {سورة الأنفال:46} .

10- كان بصيراً بزمانه مقبلاً على شأنه حتى آخر يومٍ من حياته.

 

وفي زعمي أنني فُضِّلتُ على إخواني وأحباب الشيخ بمناقب عدة أكتفي بذكر إحدى عشرة منقبة و هاكها :

1- الجوار ، فقد جاورت الشيخ في البيطاش حيث مسجده ، وفي محرم بك حيث مسكنه.

2- كنت أرافقه في أوقات التنزه والترويح.

3- شرُفت بحضور فضيلة الشيخ لي في مسجدي ليستمع إليَّ في ثلاث أو أربع خطب وذلك في آخر أيامه وأثناء فترة مرضه.

4- أخبرني الشيخ ذات يومٍ أنه يغبطني في ولديَّ محمد وعمر ؛ وذلك لحفظهما القرآن الكريم كاملاً ، وإرضائهما باليسير من المال. (المصروف).

 

5- كنت أرافقه أوقاتاً طوالاً في عمله كمأذون ، كما أذن لي بالقيام بهذا العمل فكنت أمارس هذا العمل دون مقابل إكراماً للشيخ ومحبة له.

6- دعوته لإلقاء ندوة دينية في محل عملي فاستــــجاب على الفـــور وحضر وَوُفِقَ كعادته غاية التوفيق.

7- رافقت الشيخ في رحلة علاجه في كل مكان " المســــتشفى – معامل التحاليل – الأشعة – العيادات ".

8- كان يطعمني مما يطعم من الفاكهة أثناء عودتنا من مكتب المأذونية، ويشتري لي كما يشتري لنفسه من المعجنات ( الهريسة – الحجازية – البقسماط).

9- كنتُ أحد شاهدي عقد شراء شقة لأحد أبنائه المحترمين أ / رمزي.

10- لم أتزوج مؤخراً إلا بعد تزكيته ، ولم أطلق من قبل إلا بعد أمره و إذنه.

11- لا تفوتني صلاة فريضة إلا دعوت له كما أدعـــــــو لـوالديّ معه ، بل و أحياناً  الصلوات المسنونة .

وأخيراً بفضل الله توثقت علاقاتي بأبنائه وبخــــاصة سعادة المستشار / هشام الـــذي أحبه حباَ جماَ لتواضعه وعظيم بره وكذلك الأستاذ الموقر / رمزي  - حفظهما الله – وأدام عليَّ مودتهما.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته .......

 

مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة = غداة ثوى إلا اشتهت أنها قـــــبر

ثوي في الثرى من يحيا به الــثرى =  ويجمل صرف الدهر نائله الـغمر

عــــليك ســــلام الله وقـــفاً فـــــأنني= رأيت الكريم الحر لــــيس له عمر

 

البحث في الموقع

 

 

السيرة الذاتيــة

خطب الشيـــخ

دروس التفسير

من كلمات الشيخ

مـــناســــبات

الرئيسية

مرئيات

قالوا عن الشيخ

ألبوم الصور

اتصل بنا

مواقع مهمة

موقع الشيخ الشعرواي

موقع الشيخ محمد الغزالي

موقع الشيخ عبد الله دراز

موقع الشيخ عطية صقر

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ توفيق سرور رحمه االله 2015 - 2024         تصميم وتطوير شركة أيزوتك