مناسبة الحج.
وإن من هذه المدارس ، وتلك الجامعات مدرسة الحج ، وعرفنا أنها عبادة بدنية ، وعبادة مالية ، وأنها قصد بيت الله الحرام بنية مخصوصة ؛ لأداء مناسك مخصوصة بكيفية مخصوصة ابتغاء وجه الله ـ سبحانه ـ. ورأينا قبل أن ندخل في درس الحج أن نتعرف على البيت ، وقد يقول قائل أو يتصور متصور أو يتفلسف متفلسف ـ إن صح ذلك التعبير ـ أن يقول : ما بال المسلمين وتاريخ البيت ؟! الناس في حاجة إلى أحكام يعرفونها : اعمل كذا ، واترك كذا ، ونحب أن نؤكد ، وأن ندق كثيراً على تلك الأفكار التي أطلقت بنية طيبة أو غير طيبة ، إنها أفكار أضاعت كثيراً من المسلمين ، وأفسدت دينهم ، وجعلت دينهم شيئاً بسيطاً سطحياً لا يؤثر في قلب ، ولا يهذب خلقًا ، ولا يقوم سلوكًا. نقول : إن السياح يأتون من مشارق الأرض ومغاربها ؛ ينفقون المال الكثير ، وقد أعدت لهم وزارة السياحة . ماذا يرون فيها ؟ يرون فيها أحجاراً، يرون فيها لوحات ، يرون فيها قطعة فخار، يخرجون المذكرات والأجندات والأقلام ، وهيئ لهم أساتذة ومرشدون يشرحون ، ويبينون ، وهم يسجلون ويتعجبون ، والله أعلم ماذا فيها ؟! صخور منحوتة. ويعتزون بهذا، وجُعلت الآثار " مصلحة " الآثار و إلى آخره... وكم من أناس دخلوا متحفاً : متحفاً حربياً، متحفاً زراعياً، متحفاً صناعياً. يمرون بالأشياء مراً ! فإذا ما شرحت له تفاعل معها ، وعايشها ، وأقر هذا الموضوع ؛ لماذا يكون ذلك مرضياً ومقبولاً وتجند لهم الجنود؟! وبيت الله كريم ، أقدم بيت وضع للناس ، وأعز بناء وجد على وجه الأرض ، وهو قبلة المسلمين في مشارقهم ومغاربهم ، ومكان حجهم ونسكهم ومباركتهم وهداهم ـ إذا شرح للناس أو قيل عنه للناس قيل : إن ذلك كلام لا حاجة للمسلمين به. ما هذا ؟لما هذا؟ إن هناك تخصصات في شرح قطع الفخار، في شرح اللوحات التي يراها كثير منا ـ وأنا منهم ـ ما هي إلا خطوط ، هكذا يفلسفونها. ألا يجب ذلك لبيت يكفيه أنه قيل فيه : بيت الله، كعبة المسلمين ؛ الكلام فيها من النافلة ، والناس يستقبلون الكلام فيها استقبالاً باهتًا . ذلك ـ أيها الإخوة المؤمنون ـ لفت للنظر ، وتنبيه للأذهان ، وانطلاقة نطل منها على نصف هذه التذكرة التي يبدو ظاهرها أنها خيرة وأنها صالحة ، ولكنها على المدى البعيد لها أضرارها ، ولها أخطارها . عرفنا أن الله ـ تبارك وتعالى ـ شرف هذا البيت وكرمه من جهات كثيرة : أولاً ـ من كثرة ذكره في القرآن الكريم على سبيل التكريم. ثانياً ـ من جهة وصفه بأوصاف ستة، هذه الأوصاف الستة كل وصف فيها له عطاءات عجيبة ، ودلالات رحيبة ـ لو أن المؤمنين يصبرون على فهم إسلامهم ـ . من هذه الصفات : البيت الحرام، البيت العتيق، جعلناه للناس مثابة، أمنًا، مباركًا، هدًى للعالمين. ست صفات كل صفة فيها ما فيها ، وإذا سئل المسلم عنها ماذا تعرف عنها ؟ يقول هكذا "بالبركة". ثالثًا ـ من جهة إضافة البيت إلى ضميره ـ عز وجل ـ {وأن طهر بيتي} و {عند بيتك المحرم} إضافات كرمها الله ، ـ أخي المسلم ـ شيئ كرمه الله ألا يكون كريمًا ؟، شيئ عظمه الله ألا تعظمه أنت ؟، {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.
للاستماع إلى المزيدِ حولَ الحج:
|
البحث في الموقع
|
|||
|
|
|||
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ توفيق سرور رحمه االله 2015 - 2024 تصميم وتطوير شركة أيزوتك |
||||